Thursday, December 4, 2008

إصلاح النصوص الدستورية المصرية

مقالة جميلة فى جريدة الأهرام بقلم نبيل عبدالفتاح...
المواطنة ترتبط بالدولة القومية‏,‏ والأمة الحديثة ونظام الجنسية‏,‏ وهي تختلف عن حقوق الإنسان التي تدور حول مطلق الإنسان أيا كان‏,‏ وفي أي دولة أو مكان في حين أن المواطنة تدور مع الدولة القومية حتي اللحظة الراهنة في تطور عصرنا مع تغيرطفيف‏!‏ ومن ثم نحن إزاء منظومة من أجيال حقوقا المواطنة تمنح للمواطن سواء أكانت حقوق وواجبات سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية‏..‏ الخ‏,‏ والأهم حقوق دستورية وقانونية محددة‏.‏ ولا تقتصر المواطنة علي الحريات السياسية العامة وغيرها‏,‏ وإنما تمتد الي الحقوق الشخصية التي ينبغي احترامها‏,‏ ومن بينها حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية ‏. في هذا الإطار لا تمايز الدولة الحديثة بين مواطنيها علي سند من المعايير أو التبريرات الدينية أو المذهبية أو الفقهية أو اللاهوتية‏,‏ لأن جميع المواطنين علي اختلاف انتماءاتهم الدينية يخضعون للدستور وقانون الدولة وقضائها المستقبل‏.‏ وترتيبا علي ذلك تبدو القيود القانونية والإدارية علي مبدأي المساواة‏,‏ والمواطنة ـ والحقوق المتفرعة عنها ومنها حرية التدين والاعتقاد ـ مشوبة بالعوار الدستوري‏,‏ وتتطلب مراجعة شاملة لها في ضوء تعديل المادة الأولي من دستور‏71.‏
إن النصوص الدستورية المقررة للمواطنة والمساواة تعد قاعدة الأساس في الأنظمة الدستورية الحديثة والمعاصرة وفي الدساتير المصرية
إلا قليلا ـ‏,‏ ومع ذلك تحتاج الهندسة الدستورية المصرية الي رؤية اصلاحية‏,‏ تكرس حقوق المواطنة‏,‏ ودعم النزعة الفردية‏,‏ وسلطة الفرد السياسية والاجتماعية والإبداعية‏,‏ ولاسيما سلطان الضمير الفردي الذي يتعين أن تحترمه كافة السلطات والمؤسسات السياسية والحزبية والدينية والبطريركية والمنظمات غير الحكومية أو الأشخاص‏,‏ ولا يفرضون علي الضمير الفردي ما يتأباه أو ما يجعله غير مستقر الوجدان‏,‏ أو قلق الروح‏,‏ أو مضطرب الصفاء الذهني‏.‏ إن جذور انتهاك حرية التعبير والتدين وغيرها من حقوق المواطنة تعود الي سيادة نزعة الاجماع القسري في ثقافتنا ومن تجلياتها رفض التعددية والرأي الآخر‏,‏ والميل الي التركيز علي الآراء المتشابهة‏,‏ واضطهاد الآراء والمواقف المغايرة مما أدي الي تجزر ثقافة اضطهاد المغايرة والغيرية في الفكر والآراء والتفسيرات والتأويلات الدينية والوضعية الفقهية والدعوية واللاهوتية‏.‏ ثمة نزعة استبعادية للرؤي المغايرة تعود الي سطوة النزعة البطريركية الذكورية القديمة والمحدثة التي تدور حول سلطة السياسي الأوحد‏,‏ ورجل الدين الأوحد والبطاركة السياسيين والدينيين والمذهبين والعرقيين والقبائليين والعشائريين والعائليين‏...‏ إلخ‏!‏ إنها ثقافة تعتقل العقل وتأسر الإبداع‏"

No comments: