مقالة جميلة فى جريدة الأهرام بقلم نبيل عبدالفتاح...
المواطنة ترتبط بالدولة القومية, والأمة الحديثة ونظام الجنسية, وهي تختلف عن حقوق الإنسان التي تدور حول مطلق الإنسان أيا كان, وفي أي دولة أو مكان في حين أن المواطنة تدور مع الدولة القومية حتي اللحظة الراهنة في تطور عصرنا مع تغيرطفيف! ومن ثم نحن إزاء منظومة من أجيال حقوقا المواطنة تمنح للمواطن سواء أكانت حقوق وواجبات سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية.. الخ, والأهم حقوق دستورية وقانونية محددة. ولا تقتصر المواطنة علي الحريات السياسية العامة وغيرها, وإنما تمتد الي الحقوق الشخصية التي ينبغي احترامها, ومن بينها حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية . في هذا الإطار لا تمايز الدولة الحديثة بين مواطنيها علي سند من المعايير أو التبريرات الدينية أو المذهبية أو الفقهية أو اللاهوتية, لأن جميع المواطنين علي اختلاف انتماءاتهم الدينية يخضعون للدستور وقانون الدولة وقضائها المستقبل. وترتيبا علي ذلك تبدو القيود القانونية والإدارية علي مبدأي المساواة, والمواطنة ـ والحقوق المتفرعة عنها ومنها حرية التدين والاعتقاد ـ مشوبة بالعوار الدستوري, وتتطلب مراجعة شاملة لها في ضوء تعديل المادة الأولي من دستور71.
إن النصوص الدستورية المقررة للمواطنة والمساواة تعد قاعدة الأساس في الأنظمة الدستورية الحديثة والمعاصرة وفي الدساتير المصرية
إلا قليلا ـ, ومع ذلك تحتاج الهندسة الدستورية المصرية الي رؤية اصلاحية, تكرس حقوق المواطنة, ودعم النزعة الفردية, وسلطة الفرد السياسية والاجتماعية والإبداعية, ولاسيما سلطان الضمير الفردي الذي يتعين أن تحترمه كافة السلطات والمؤسسات السياسية والحزبية والدينية والبطريركية والمنظمات غير الحكومية أو الأشخاص, ولا يفرضون علي الضمير الفردي ما يتأباه أو ما يجعله غير مستقر الوجدان, أو قلق الروح, أو مضطرب الصفاء الذهني. إن جذور انتهاك حرية التعبير والتدين وغيرها من حقوق المواطنة تعود الي سيادة نزعة الاجماع القسري في ثقافتنا ومن تجلياتها رفض التعددية والرأي الآخر, والميل الي التركيز علي الآراء المتشابهة, واضطهاد الآراء والمواقف المغايرة مما أدي الي تجزر ثقافة اضطهاد المغايرة والغيرية في الفكر والآراء والتفسيرات والتأويلات الدينية والوضعية الفقهية والدعوية واللاهوتية. ثمة نزعة استبعادية للرؤي المغايرة تعود الي سطوة النزعة البطريركية الذكورية القديمة والمحدثة التي تدور حول سلطة السياسي الأوحد, ورجل الدين الأوحد والبطاركة السياسيين والدينيين والمذهبين والعرقيين والقبائليين والعشائريين والعائليين... إلخ! إنها ثقافة تعتقل العقل وتأسر الإبداع"
No comments:
Post a Comment