"أيها الأحباء الأعزاء،
وفي تفسير لحيثيات الحكم أصدر القاضي الذي رأس الجلسة تصريحا للصحفيين قال فيه بأن الدستور المصري لا يعترف إلا بأديان ثلاثة هي الإسلام والمسيحية واليهودية. فكان هذا التصريح بمثابة تجاهل لجوهر القضية وتمويه لها. . فمن المؤكد أنكم لم تتقدموا في هذا المجال بطلب الإعتراف بالدين البهائي. وكانت رغبتكم بكل بساطة أن تكونوا أحرارا كغيركم من المواطنين المصريين لتنفيذ متطلبات القانون المدني للحصول على البطاقات الشخصية دون اللجوء الى عدم الصدق في الإفصاح عن هويتكم الدينية. فإقتناء البطاقة الشخصية حق من الحقوق التي يشترك في التمتع بها كل مواطن مصري المولد. وإنه لأمر غريب أن يفرض عليكم حماة القانون أنفسهم مخالفة السياسة الإدارية للدولة التي يفترض أن يتقيد بتنفيذها كل مواطن بدون استثناء. ولعل ما يستحق الثناء والتقدير طبعا، هو أن القضاة المعنيين أكدوا بصورة علنية إعترافهم بحقيقة ثلاثة من الأديان السماوية. فنحن كجامعة دينية نؤمن بأن كل الرسل الذين إختارهم الله "يجلسون على بساط واحد، وينطقون بكلام واحد، وينادون بأمر واحد". وتبعا لذلك لن يجد البهائيون في مصر أية صعوبة في الإقرار بحقيقة كل دين من الأديان الثلاثة المذكورة. ولكن لنا أن نسأل ما الغرض من ذكر هذه الأديان الثلاثة فقط؟ وهل كان ذلك بقصد تبرير حرمان نفر من المواطنين التمتع بحقوقهم المدنية؟ أليس هذا الموقف بمثابة سوء فهم لما أمرت به تلك الأديان مما يبعث على إنتشار الظلم والإجحاف ويمثل إنتهاكا لحرمة مستوى العدالة الرفيع الذي أمرت تلك الأديان أتباعها التمسك به والقيام على تنفيذه؟ إن ما يهمكم الآن ليس إجراء مشادة فقهية بينكم وبين القضاء المصري، رغم ما ذهب إليه ذلك القضاء من المبالغة في أظهار الدين البهائي على غير حقيقته. بل ما يهمكم فعلا هو أن تقوموا على تنفيذ مبادىء العدالة والإنصاف والتحلي بقيم الأمانة والصدق، وهي مبادىء وقيم حيوية بالنسبة لأتباع كل دين من الأديان ولأولئك الذين لا يدينون بأي دين. إن الحكم الصادر ضدكم كان حكما مجحفا ليس فقط لأنه جاء مخالفا للقواعد التي سنها الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي وقعته مصر ملتزمة بتنفيذه، بل لأنه لم يأخذ بعين الأعتبار أيضا ما ورد بصورة خاصة في الآثار ألإسلامية المقدسة من تمجيد للتسامح كمبدأ أساسي في بناء الأستقرار الإجتماعي...........
إن الظلم منتشر في كل مكان. فنجده عبر العالم وقد أصاب كل مجال من مجالات الحياة، أكان ذلك في المنزل ، أوفي مكان العمل، أو في المجتمع العام، وما هذه الحال إلا نتيجة سوء تصرف الأفراد والجماعات والحكومات. وها هو بهاء الله يبدي أسفه البالغ على ما يخلفه الظلم من المآسي فيعلق على ذلك تعليقا مؤثرا إذ يتفضل قائلا: "لقد إرتفع في هذا اليوم عويل العدل، وتفاقم حنين الإنصاف، وتلبدت وجه الأرض بغيوم الطغيان فأحاطت الشعوب والأمم." فقيام ظروف على هذه الدرجة من الخطورة نشهدها في مراحل من التحول والتغيير التي لم يعرف العالم لها مثيلا، حيث تتفاعل التيارات المضادة للفوضى والنظام وتدخل في حلقة من الإضطراب باعثة الإشارات بأن هناك تحولا وتغييرا في المنهاج الروحي والإجتماعي للعالم بأسره........."
No comments:
Post a Comment